1- اخواني
: الذنوب تغطي على القلوب ، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى ،
و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .
2-
يا صاحب الخطايا اين الدموع الجارية ، يا اسير المعاصي إبك على الذنوب
الماضية ، أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ، واحسرة لك إذا دُعيت إلى
التوبة فما أجبت ، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ، ألست الذي بارزت
بالكبائر و ما راقبت ؟
3- أسفاً لعبد كلما كثرت اوزاره قلّ استغفاره ، و كلما قرب
من القبور قوي عنده الفتور .
4- اذكر اسم من إذا اطعته افادك ، و إذا اتيته شاكراً زادك
، و إذا خدمته أصلح قلبك و فؤادك
5-
أيها الغافل ما عندك خبر منك ! فما تعرف من نفسك إلا ان تجوع فتاكل ، و
تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ، فبم تميزت عن البهائم !
6- واعجباً لك ! لو رايت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش
من حكمة الكاتب ، و انت ترى رقوم القدرة و لا تعرف الصانع ، فإن لم تعرفه
بتلك الصنعة فتعجّب ، كيف اعمى بصيرتك مع رؤية بصرك !
7-
يا من قد وهى شبابه ، و امتلأ بالزلل كتابه ، أما بلغك ان الجلود إذا
استشهدت نطقت ! اما علمت ان النار للعصاة خلقت ! إنها لتحرق كل ما يُلقى
فيها ، فتذكر أن التوبة تحجب عنها ، و الدمعة تطفيها .
8- سلوا القبور عن سكانها ، و استخبروا اللحود عن قطانها ،
تخبركم بخشونة المضاجع ، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ، و المسافر
يود لو انه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع .
9- يا مُطالباً باعماله ، يا مسؤلاً عن افعاله ، يا
مكتوباً عليه جميع أقواله ، يا مناقشاً على كل أحواله ، نسيانك لهذا أمر
عجيب !
10- إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجر
جديد ، و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد
11- كان بشر الحافي طويل السهر يقول : أخاف أن يأتي أمر
الله و أنا نائم
12-
من تصور زوال المحن و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ، و من تفكر في زوال
اللذات وبقاء العار هان تركها عنده ، و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب .
13- عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، و لبائع البحر
الخضم بساقية ، و لمختار دار الكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على
العافية .
14- قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من اين اقبلت ؟
قال : من طلب الدنيا ، فقال : هل ادركتها ؟ قال لا ، فقال : واعجباً ! انت
تطلب شيئاً لم تدركه ، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه .
15-
يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و ينقسمون إلى شقي و سعيد ، فقوم قد حلّ بهم
الوعيد ، و قوم قيامتهم نزهة و عيد ، و كل عامل يغترف من مشربه .
16-
كم نظرة تحلو في العاجلة ، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ، يا ابن أدم قلبك
قلب ضعيف ، و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة محتقرة زلت بها
الأقدام
17-
ياطفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ، عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك مهمل في
الآثام ، و جسدك يتعب في كسب الحطام .
18-
أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على عيوبك ؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ، و
تضيع يومك تضييعك أمسك ، لا مع الصادقين لك قدم ، و لا مع التائبين لك ندم
، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ، و أجريت في السحر دموعاً سائلة .
19-
تحب اولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ، و ارع أصلاً أثمر فرعاً ، و اذكر
لطفهما بك و طيب المرعى أولاً و اخيرا ، فتصدق عنهما إن كانا ميتين ، و
استغفر لهما و اقض عنهما الدين
20-
من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت و تمكن الندم ، ووقع الفوت ، و أقبل
لأخذ الروح ملك الموت ، و نزلت منزلاً ليس بمسكون ، فيا أسفاً لك كيف تكون ،
و اهوال القبر لا تطاق .
21-
كأن القلوب ليست منا ، و كان الحديث يُعنى به غيرنا ، كم من وعيد يخرق
الآذانا .. كأنما يُعنى به سوانا .. أصمّنا الإهمال بل اعمانا .
22-
يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل ، و حزنها في غد طويل ، ما دام المؤمن
في نور التقوى ، فهو يبصر طريق الهدى ، فإذا أطبق ظلام الهوى عدم النور
23-
انتبه الحسن ليلة فبكى ، فضج اهل الدار بالبكاء فسالوه عن حاله فقال :
ذكرت ذنباً فبكيت ! يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء
24-
يا من عمله بالنفاق مغشوش ، تتزين للناس كما يُزين المنقوش ، إنما يُنظر
إلى الباطن لا إلى النقوش ، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر يوم النعوش ، و كيف
تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش .
25-
ألك عمل إذا وضع في الميزان زان ؟ عملك قشر لا لب ، و اللب يُثقل الكفة لا
القشر
26-
رحم الله أعظما ً نصبت في الطاعة و انتصبت ، جن عليها الليل فلما تمكن و
ثبت ، و كلما تذكرت جهنم رهبت و هربت ، و كلما تذكرت ذنوبها ناحت عليها و
ندبت .
27-
يا هذا لا نوم أثقل من الغفلة ، و لا رق أملك من الشهوة ، و لا مصيبة كموت
القلب ، و لا نذير أبلغ من الشيب .
28- إلى كم اعمالك كلها قباح ، اين الجد إلى كم مزاح ، كثر
الفساد فأين الصلاح ، ستفارق الأرواح الأجساد إما في غدو و إما في رواح ، و
سيخلو البلى بالوجوه الصباح ، أفي هذا شك ام الأمر مزاح .
29-
فليلجأ العاصي إلى حرم الإنابة ، و ليطرق بالأسحار باب الإجابة ، فما صدق
صادق فرُد ، و لا اتى الباب مخلص فصُد ، و كيف يُرد من استُدعي ؟ و إنما
الشان في صدق التوية .
30-
إخواني : الأيام مطايا بيدها أزمة ركبانها ، تنزل بهم حيث شاءت ، فبينا هم
على غواربها ألقــتهم فوطئتهم بمناسمها .
31-
النظر النظر إلى العواقب ، فإن اللبيب لها يراقب ، أين تعب من صام الهواجر
؟ و أين لذة العاصي الفاجر ؟ فكأن لم يتعب من صابر اللذات ، و كان لم يلتذ
من نال الشهوات .
32-
حبس بعض السلاطين رجلاً زماناً طويلا ثم اخرجه فقال له : كيف وجدت محبسك ؟
قال : ما مضى من نعيمك يوم إلا و مضى من بؤسي يوم ، حتى يجمعنا يوم
33-
جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ، فواعجباً ممن لم ير محسناً سوى الله
عز وجل كيف لا يميل بكليته إليه .
34-
إحذر نفار النعم فما كل شارد بمردود ، إذا وصلت إليك أطرافها فلا تُنفر
أقصاها بقلة لشكر .
35-
اجتمعت كلمة إلى نظرة على خاطر قبيح و فكرة ، في كتاب يًحصي حتى الذرة ، و
العصاة عن المعاصي في سكرة ، فجنو من جِنى ما جنوا ، ثمار ما قد غرسوه .
36-
يا هذا ! ماء العين في الأرض حياة الزرع ، و ماء العين على الخد حياة
القلب .
37-
يا طالب الجنة ! بذنب واحد أُخرج ابوك منها ، أتطمع في دخولها بذنوب لم
تتب عنها ! إن امرأً تنقضي بالجهل ساعاته ، و تذهب بالمعاصي أوقاته ، لخليق
ان تجري دائماً دموعه ، و حقيق أن يقل في الدجى هجوعه .
38-
أعقل الناس محسن خائف ، و أحمق الناس مسئ آمن .
39-
لا يطمعن البطال في منازل الأبطال ، إن لذة الراحة لا تنال بالراحة ، من
زرع حصد و من جد وجد ، فالمال لا يحصل إلا بالتعب ، و العلم لا يُدرك إلا
بالنصب ، و اسم الجواد لا يناله بخيل ، و لقب الشجاع لا يحصل إلا بعد تعب
طويل .
40-
كاتبوا بالدموع فجائهم الطف جواب ، اجتمعت أحزان السر على القلب فأوقد
حوله الأسف و كان الدمع صاحب الخبر فنم .
41-
كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره ، و شهره يهدم سنته ، و سنته تهدم
عمره ، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله ، وحياته على موته .
42-
إخواني : الدنيا في إدبار ، و اهلها منها في استكثار ، و الزارع فيها غير
التقى لا يحصد إلا الندم .
43-
ويحك ! أنت في القب محصور إلى ان ينفخ في الصور ، ثم راكب أو مجرور ، حزين
او مسرور ، مطلق او مأسور ، فما هذا اللهو و الغرور !
44-
بأي عين تراني يا من بارزني و عصاني ، بأي وجه تلقاني ، يا من نسي عظمة
شاني ، خاب المحجوبون عني ، و هلك المبعدون مني .
45-
يا هذا زاحم باجتهادك المتقين ، و سر في سرب أهل اليقين ، هل القوم إلا
رجال طرقوا باب التوفيق ففتح لهم ، و ما نياس لك من ذلك .
46-
ألا رُب فرح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى ، ألا رُب معرض عن سبيل رشده ،
قد آن أوان شق لحده ، ألا رُب ساع في جمع حطامه ، قد دنا تشتيت عظامه ،
ألا رُب مُجد في تحصيل لذاته ، قد آن خراب ذاته
47-
يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس ، تيقظ ويحك فقد قتلت النفس ، و تنبه للسعود
فإلى كم نحس ، و احفظ بقية العمر ، فقد بعت الماضي بالبخس .
48-
عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك منبسط في الآثام ، و لأقدامك على الذنوب
إقدام ، و الكل مثبت في الديوان .
49-
كانوا يتقون الشرك و المعاصي ، و يجتمعون على الأمر بالخير و التواصي ، و
يحذرون يوم الأخذ بالأقدام و النواصي ، فاجتهد في لحاقهم ايها العاصي ، قبل
ان تبغتك المنون .
50-
أذبلوا الشفاه يطلبون الشفاء بالصيام ، و أنصبوا لما انتصبوا الأجساد
يخافون المعاد بالقيام ، و حفظوا الألسنة عما لا يعني عن فضول الكلام ، و
اناخوا على باب الرجا في الدجى إذا سجى الظلام ، فأنشبوا مخاليب طمعهم في
العفو ، فإذا الأظافير ظافرة .
51-
يا مقيمين سترحلون ، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون ، يا مستقرين ما تتركون ،
أراكم متوطنين تأمنون المنون
52-
وعظ أعرابي ابنه فقال : أي بني إنه من خاف الموت بادر الفوت ، و من لم
يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات ، و الجنة و النار أمامك .
53-
يا له من يوم لا كالأيام ، تيقظ فيه من غفل و نام ، و يحزن كل من فرح
بالآثام ، و تيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام ، واعجباً لضحك نفس البكاء أولى
بها .
54-
إن النفس إذا أُطمعت طمعت ، و إذا أُقنعت باليسير قنعت ، فإذا أردت صلاحها
فاحبس لسانها عن فضول كلامها ، و غُض طرفها عن محرم نظراتها ، و كُف كفها
عن مؤذي شهواتها ، إن شئت ان تسعى لها في نجاتها .
55-
علامة الاستدراج : العمى عن عيوب النفس ، ما ملكها عبد إلا عز ، و ما ملكت
عبداً غلا ذل .
56-
ميزان العدل يوم القيامة تبين فيه الذرة ، فيجزى العبد على الكلمة قالها
في الخير ، و النظرة نظرها في الشر ، فيا من زاده من الخير طفيف ، احذر
ميزان عدل لا يحيف .
57-
سمع سليمان بن عبدالملك صوت الرعد فانزعج ، فقال له عمر بن عبد العزيز :
يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه ؟
58-
يا من أجدبت أرض قلبه ، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً ، فيه رعود و
تخويف ، و بروق و خشية ، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى و يُنبت .
59-
قال بعض السلف : إذا نطقت فاذكر من يسمع ، و إذا نظرت فاذكر من يرى ، و
إذا عزمت فاذكر من يعلم .
60-
قال سفيان الثوري يوماً لأصحابه : أخبروني لو كان معكم من يرفع الحديث إلى
السلطان أكنتم تتكلمون بشئ ؟ قالوا : لا ، قال ، فإن معكم من يرفع الحديث
إلى الله عز وجل .
61-
كلامك مكتوب ، و قولك محسوب ، و انت يا هذا مطلوب ، و لك ذنوب و ما تتوب ،
و شمس الحياة قد اخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب .
: الذنوب تغطي على القلوب ، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى ،
و من علم ضرر الذنب استشعر الندم .
2-
يا صاحب الخطايا اين الدموع الجارية ، يا اسير المعاصي إبك على الذنوب
الماضية ، أسفاً لك إذا جاءك الموت و ما أنبت ، واحسرة لك إذا دُعيت إلى
التوبة فما أجبت ، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل و ما تأهبت ، ألست الذي بارزت
بالكبائر و ما راقبت ؟
3- أسفاً لعبد كلما كثرت اوزاره قلّ استغفاره ، و كلما قرب
من القبور قوي عنده الفتور .
4- اذكر اسم من إذا اطعته افادك ، و إذا اتيته شاكراً زادك
، و إذا خدمته أصلح قلبك و فؤادك
5-
أيها الغافل ما عندك خبر منك ! فما تعرف من نفسك إلا ان تجوع فتاكل ، و
تشبع فتنام ، و تغضب فتخاصم ، فبم تميزت عن البهائم !
6- واعجباً لك ! لو رايت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش
من حكمة الكاتب ، و انت ترى رقوم القدرة و لا تعرف الصانع ، فإن لم تعرفه
بتلك الصنعة فتعجّب ، كيف اعمى بصيرتك مع رؤية بصرك !
7-
يا من قد وهى شبابه ، و امتلأ بالزلل كتابه ، أما بلغك ان الجلود إذا
استشهدت نطقت ! اما علمت ان النار للعصاة خلقت ! إنها لتحرق كل ما يُلقى
فيها ، فتذكر أن التوبة تحجب عنها ، و الدمعة تطفيها .
8- سلوا القبور عن سكانها ، و استخبروا اللحود عن قطانها ،
تخبركم بخشونة المضاجع ، و تُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع ، و المسافر
يود لو انه راجع ، فليتعظ الغافل و ليراجع .
9- يا مُطالباً باعماله ، يا مسؤلاً عن افعاله ، يا
مكتوباً عليه جميع أقواله ، يا مناقشاً على كل أحواله ، نسيانك لهذا أمر
عجيب !
10- إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد ، و للفهوم كل لحظة زجر
جديد ، و للقلوب النيرة كل يوم به وعيد ، غير أن الغافل يتلوه و لا يستفيد
11- كان بشر الحافي طويل السهر يقول : أخاف أن يأتي أمر
الله و أنا نائم
12-
من تصور زوال المحن و بقاء الثناء هان الابتلاء عليه ، و من تفكر في زوال
اللذات وبقاء العار هان تركها عنده ، و ما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب .
13- عجباً لمؤثر الفانية على الباقية ، و لبائع البحر
الخضم بساقية ، و لمختار دار الكدر على الصافية ، و لمقدم حب الأمراض على
العافية .
14- قدم على محمد بن واسع ابن عم له فقال له من اين اقبلت ؟
قال : من طلب الدنيا ، فقال : هل ادركتها ؟ قال لا ، فقال : واعجباً ! انت
تطلب شيئاً لم تدركه ، فكيف تدرك شيئاً لم تطلبه .
15-
يُجمع الناس كلهم في صعيد ، و ينقسمون إلى شقي و سعيد ، فقوم قد حلّ بهم
الوعيد ، و قوم قيامتهم نزهة و عيد ، و كل عامل يغترف من مشربه .
16-
كم نظرة تحلو في العاجلة ، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة ، يا ابن أدم قلبك
قلب ضعيف ، و رأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف ، فكم نظرة محتقرة زلت بها
الأقدام
17-
ياطفل الهوى ! متى يؤنس منك رشد ، عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك مهمل في
الآثام ، و جسدك يتعب في كسب الحطام .
18-
أين ندمك على ذنوبك ؟ أين حسرتك على عيوبك ؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك ، و
تضيع يومك تضييعك أمسك ، لا مع الصادقين لك قدم ، و لا مع التائبين لك ندم
، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة ، و أجريت في السحر دموعاً سائلة .
19-
تحب اولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً ، و ارع أصلاً أثمر فرعاً ، و اذكر
لطفهما بك و طيب المرعى أولاً و اخيرا ، فتصدق عنهما إن كانا ميتين ، و
استغفر لهما و اقض عنهما الدين
20-
من لك إذا الم الألم ، و سكن الصوت و تمكن الندم ، ووقع الفوت ، و أقبل
لأخذ الروح ملك الموت ، و نزلت منزلاً ليس بمسكون ، فيا أسفاً لك كيف تكون ،
و اهوال القبر لا تطاق .
21-
كأن القلوب ليست منا ، و كان الحديث يُعنى به غيرنا ، كم من وعيد يخرق
الآذانا .. كأنما يُعنى به سوانا .. أصمّنا الإهمال بل اعمانا .
22-
يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل ، و حزنها في غد طويل ، ما دام المؤمن
في نور التقوى ، فهو يبصر طريق الهدى ، فإذا أطبق ظلام الهوى عدم النور
23-
انتبه الحسن ليلة فبكى ، فضج اهل الدار بالبكاء فسالوه عن حاله فقال :
ذكرت ذنباً فبكيت ! يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء
24-
يا من عمله بالنفاق مغشوش ، تتزين للناس كما يُزين المنقوش ، إنما يُنظر
إلى الباطن لا إلى النقوش ، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر يوم النعوش ، و كيف
تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش .
25-
ألك عمل إذا وضع في الميزان زان ؟ عملك قشر لا لب ، و اللب يُثقل الكفة لا
القشر
26-
رحم الله أعظما ً نصبت في الطاعة و انتصبت ، جن عليها الليل فلما تمكن و
ثبت ، و كلما تذكرت جهنم رهبت و هربت ، و كلما تذكرت ذنوبها ناحت عليها و
ندبت .
27-
يا هذا لا نوم أثقل من الغفلة ، و لا رق أملك من الشهوة ، و لا مصيبة كموت
القلب ، و لا نذير أبلغ من الشيب .
28- إلى كم اعمالك كلها قباح ، اين الجد إلى كم مزاح ، كثر
الفساد فأين الصلاح ، ستفارق الأرواح الأجساد إما في غدو و إما في رواح ، و
سيخلو البلى بالوجوه الصباح ، أفي هذا شك ام الأمر مزاح .
29-
فليلجأ العاصي إلى حرم الإنابة ، و ليطرق بالأسحار باب الإجابة ، فما صدق
صادق فرُد ، و لا اتى الباب مخلص فصُد ، و كيف يُرد من استُدعي ؟ و إنما
الشان في صدق التوية .
30-
إخواني : الأيام مطايا بيدها أزمة ركبانها ، تنزل بهم حيث شاءت ، فبينا هم
على غواربها ألقــتهم فوطئتهم بمناسمها .
31-
النظر النظر إلى العواقب ، فإن اللبيب لها يراقب ، أين تعب من صام الهواجر
؟ و أين لذة العاصي الفاجر ؟ فكأن لم يتعب من صابر اللذات ، و كان لم يلتذ
من نال الشهوات .
32-
حبس بعض السلاطين رجلاً زماناً طويلا ثم اخرجه فقال له : كيف وجدت محبسك ؟
قال : ما مضى من نعيمك يوم إلا و مضى من بؤسي يوم ، حتى يجمعنا يوم
33-
جبلت القلوب على حب من أحسن إليها ، فواعجباً ممن لم ير محسناً سوى الله
عز وجل كيف لا يميل بكليته إليه .
34-
إحذر نفار النعم فما كل شارد بمردود ، إذا وصلت إليك أطرافها فلا تُنفر
أقصاها بقلة لشكر .
35-
اجتمعت كلمة إلى نظرة على خاطر قبيح و فكرة ، في كتاب يًحصي حتى الذرة ، و
العصاة عن المعاصي في سكرة ، فجنو من جِنى ما جنوا ، ثمار ما قد غرسوه .
36-
يا هذا ! ماء العين في الأرض حياة الزرع ، و ماء العين على الخد حياة
القلب .
37-
يا طالب الجنة ! بذنب واحد أُخرج ابوك منها ، أتطمع في دخولها بذنوب لم
تتب عنها ! إن امرأً تنقضي بالجهل ساعاته ، و تذهب بالمعاصي أوقاته ، لخليق
ان تجري دائماً دموعه ، و حقيق أن يقل في الدجى هجوعه .
38-
أعقل الناس محسن خائف ، و أحمق الناس مسئ آمن .
39-
لا يطمعن البطال في منازل الأبطال ، إن لذة الراحة لا تنال بالراحة ، من
زرع حصد و من جد وجد ، فالمال لا يحصل إلا بالتعب ، و العلم لا يُدرك إلا
بالنصب ، و اسم الجواد لا يناله بخيل ، و لقب الشجاع لا يحصل إلا بعد تعب
طويل .
40-
كاتبوا بالدموع فجائهم الطف جواب ، اجتمعت أحزان السر على القلب فأوقد
حوله الأسف و كان الدمع صاحب الخبر فنم .
41-
كيف يفرح بالدنيا من يومه يهدم شهره ، و شهره يهدم سنته ، و سنته تهدم
عمره ، كيف يلهو من يقوده عمره إلى اجله ، وحياته على موته .
42-
إخواني : الدنيا في إدبار ، و اهلها منها في استكثار ، و الزارع فيها غير
التقى لا يحصد إلا الندم .
43-
ويحك ! أنت في القب محصور إلى ان ينفخ في الصور ، ثم راكب أو مجرور ، حزين
او مسرور ، مطلق او مأسور ، فما هذا اللهو و الغرور !
44-
بأي عين تراني يا من بارزني و عصاني ، بأي وجه تلقاني ، يا من نسي عظمة
شاني ، خاب المحجوبون عني ، و هلك المبعدون مني .
45-
يا هذا زاحم باجتهادك المتقين ، و سر في سرب أهل اليقين ، هل القوم إلا
رجال طرقوا باب التوفيق ففتح لهم ، و ما نياس لك من ذلك .
46-
ألا رُب فرح بما يؤتى قد خرج اسمه مع الموتى ، ألا رُب معرض عن سبيل رشده ،
قد آن أوان شق لحده ، ألا رُب ساع في جمع حطامه ، قد دنا تشتيت عظامه ،
ألا رُب مُجد في تحصيل لذاته ، قد آن خراب ذاته
47-
يا مضيعاً اليوم تضييعه أمس ، تيقظ ويحك فقد قتلت النفس ، و تنبه للسعود
فإلى كم نحس ، و احفظ بقية العمر ، فقد بعت الماضي بالبخس .
48-
عينك مطلقة في الحرام ، و لسانك منبسط في الآثام ، و لأقدامك على الذنوب
إقدام ، و الكل مثبت في الديوان .
49-
كانوا يتقون الشرك و المعاصي ، و يجتمعون على الأمر بالخير و التواصي ، و
يحذرون يوم الأخذ بالأقدام و النواصي ، فاجتهد في لحاقهم ايها العاصي ، قبل
ان تبغتك المنون .
50-
أذبلوا الشفاه يطلبون الشفاء بالصيام ، و أنصبوا لما انتصبوا الأجساد
يخافون المعاد بالقيام ، و حفظوا الألسنة عما لا يعني عن فضول الكلام ، و
اناخوا على باب الرجا في الدجى إذا سجى الظلام ، فأنشبوا مخاليب طمعهم في
العفو ، فإذا الأظافير ظافرة .
51-
يا مقيمين سترحلون ، يا غافلين عن الرحيل ستظعنون ، يا مستقرين ما تتركون ،
أراكم متوطنين تأمنون المنون
52-
وعظ أعرابي ابنه فقال : أي بني إنه من خاف الموت بادر الفوت ، و من لم
يكبح نفسه عن الشهوات أسرعت به التبعات ، و الجنة و النار أمامك .
53-
يا له من يوم لا كالأيام ، تيقظ فيه من غفل و نام ، و يحزن كل من فرح
بالآثام ، و تيقن أن أحلى ما كان فيه أحلام ، واعجباً لضحك نفس البكاء أولى
بها .
54-
إن النفس إذا أُطمعت طمعت ، و إذا أُقنعت باليسير قنعت ، فإذا أردت صلاحها
فاحبس لسانها عن فضول كلامها ، و غُض طرفها عن محرم نظراتها ، و كُف كفها
عن مؤذي شهواتها ، إن شئت ان تسعى لها في نجاتها .
55-
علامة الاستدراج : العمى عن عيوب النفس ، ما ملكها عبد إلا عز ، و ما ملكت
عبداً غلا ذل .
56-
ميزان العدل يوم القيامة تبين فيه الذرة ، فيجزى العبد على الكلمة قالها
في الخير ، و النظرة نظرها في الشر ، فيا من زاده من الخير طفيف ، احذر
ميزان عدل لا يحيف .
57-
سمع سليمان بن عبدالملك صوت الرعد فانزعج ، فقال له عمر بن عبد العزيز :
يا أمير المؤمنين هذا صوت رحمته فكيف بصوت عذابه ؟
58-
يا من أجدبت أرض قلبه ، متى تهب ريح المواعظ فتثير سحاباً ، فيه رعود و
تخويف ، و بروق و خشية ، فتقع قطرة على صخرة القلب فيتروى و يُنبت .
59-
قال بعض السلف : إذا نطقت فاذكر من يسمع ، و إذا نظرت فاذكر من يرى ، و
إذا عزمت فاذكر من يعلم .
60-
قال سفيان الثوري يوماً لأصحابه : أخبروني لو كان معكم من يرفع الحديث إلى
السلطان أكنتم تتكلمون بشئ ؟ قالوا : لا ، قال ، فإن معكم من يرفع الحديث
إلى الله عز وجل .
61-
كلامك مكتوب ، و قولك محسوب ، و انت يا هذا مطلوب ، و لك ذنوب و ما تتوب ،
و شمس الحياة قد اخذت في الغروب فما أقسى قلبك من بين القلوب .